أخبار العرب

فعاليات عيد الأضحى في تونس 2025: تقاليد وأكلات تحكي قصة شعب

يُعتبر عيد الأضحى في تونس محطة مميزة تجتمع فيها الروحانيات مع الموروث الشعبي العريق، حيث تحافظ العائلات التونسية على طقوسها الخاصة التي توارثتها أجيال على مر العقود. كل مدينة وكل منطقة في تونس لها طابعها الفريد، لكن في جوهرها يظل “العلوش” أو الأضحية هو الرمز الأبرز للعيد، وهو ما يحمل معاني التضحية، والبركة، والتواصل الاجتماعي.

فعاليات عيد الأضحى في تونس 2025: طقوس الاحتفال بالأضحية

تبدأ مراسم الاحتفال بالعلوش بمظاهر تقليدية رائعة، حيث يتم تبخير الأضحية وتزيينها بشرائط ملونة وسط تبريكات وتهاني الأهل والجيران، في مشهد يعكس دفء العلاقات الاجتماعية ويُشعر الجميع بالبهجة والسرور. بعد الانتهاء من الذبح، تدخل النساء في مرحلة تحضير “الدوّارة” وهي أحشاء الخروف التي تُستخدم لتحضير طبق “العصبان” الشهير، الذي لا يخلو منه مائدة العيد.

العصبان: طبق العيد الأساسي

طبق العصبان هو واحد من الأطباق التي تميز عيد الأضحى في تونس. يتم تنظيف المعدة والأمعاء بدقة كبيرة، ثم تحشى بخليط من الخضر الورقية الطازجة، واللحم والكبد، إلى جانب الأرز والتوابل التي تضفي نكهة مميزة. تُلف العصبان بطريقة متقنة وتُطهى بأساليب تقليدية تمنحها طعماً فريداً، يعشقه الجميع ويحتفظ بمكانته الخاصة في وجبة العيد.

القلاية: مزيج من اللحوم والتوابل

لا تقل أهمية عن العصبان هي “القلاية”، التي تجمع بين قطع مختلفة من لحم الخروف، كبده، قلبه، وكليته، مقطعة إلى مكعبات صغيرة. تُتبل هذه القطع بالفلفل الأسود، الملح، الزعفران، إضافة إلى لمسة من ماء الزهر والزيت، ثم تُطهى ببطء على نار هادئة. هذه الوصفة تمنح الأكلة طعماً غنيّاً يجعلها من الأطباق الأساسية التي لا غنى عنها خلال أيام العيد.

المشوي وأطباق أخرى

تُعتبر أطباق المشوي من أشهر مظاهر عيد الأضحى في تونس، حيث يُعد الفحم فور الانتهاء من الذبح ويُشوى اللحم في أول أيام العيد بأجواء عائلية دافئة. أما في الأيام التي تلي العيد، فيُخصص الوقت لإعداد أطباق أخرى مثل “المرقة الحلوة” المكونة من اللحم والزبيب والمكسرات، و”المروزية” التي تحمل معها عبق التقاليد، وطبق “البازين بالقلاية” الذي يجمع بين عصيدة القمح واللحم المطبوخ بطريقة خاصة.

السلاطة المشوية وخبز الطابونة

لا تكتمل مائدة عيد الأضحى دون “السلاطة المشوية”، وهو طبق رئيسي يتكون من الطماطم والفلفل المشويين على الفحم، ويقدم مع خبز “الطابونة” التقليدي، الذي يُخبز في فرن خاص بطريقة تقليدية تضفي عليه طعماً مميزاً يرافق أجواء العيد.

خصوصية سوسة: “المجامع” وفنون التحضير

في مدينة سوسة الساحلية، تتفنن الأسر في تحضير “المجامع”، وهو نوع من الخبز التقليدي الكبير الذي يُزين ببيضة في وسطه، ويُقدّم بشكل فني وجميل يختلف من منزل إلى آخر، ليُضفي مزيداً من البهجة والفرح على الموائد العائلية خلال العيد.

عادات اجتماعية وترابط مجتمعي

عيد الأضحى في تونس لا يقتصر فقط على الأكلات والطقوس، بل يتعدى ذلك إلى روابط اجتماعية قوية. من العادات الراسخة أن يهدي الخطيب لخطيبته كتف الأضحية مصحوبًا بـ”الموسم” أو “التفقيدة”، وهي هدية رمزية تعبّر عن المحبة والتقدير، كما أن العيد هو فرصة لتقوية أواصر المحبة والتضامن بين أفراد الأسرة والجيران.

الأعمال الخيرية وروح التضامن

في أجواء العيد، تبرز روح العطاء والتكافل الاجتماعي في تونس، حيث تنشط الجمعيات والأفراد في جمع التبرعات لمساعدة الأسر الفقيرة على اقتناء الأضاحي. هذا النشاط الخيري يعكس المعنى الحقيقي للعيد الذي يقوم على التضحية والمشاركة، ويزرع البهجة والسرور في قلوب المحتاجين ويقوي أواصر التلاحم الاجتماعي بين أبناء الوطن.

ختاماً

فعاليات عيد الأضحى في تونس هي انعكاس حيّ لتراث غنيّ يجمع بين الروحانية، التقاليد، والاحتفال الاجتماعي. هي مناسبة توحد القلوب وتجمع العائلات حول مائدة واحدة تحمل في طياتها عبق الماضي وحب الحياة. مع كل عيد، تُجدّد تونس وفاءها لموروثها الثقافي وتُعزّز روح التضامن والفرح بين مواطنيها، لتظل صورة العيد في تونس لوحة بديعة من الفرح والتكاتف والتقاليد العريقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى