محيطاتنا في خطر: كيف نشارك في اليوم العالمي للمحيطات 2025؟

بينما نُبصر الأفق الأزرق اللامتناهي ونسمع صوت الأمواج يعانق الشواطئ، ننسى أن هذا الجمال الخلاب يخفي كنوزًا هائلة، ويمثل شريان حياة لمليارات الكائنات – ومن بينها نحن، البشر.
في كل عام، يُحتفل بـ اليوم العالمي للمحيطات في 8 يونيو، كتذكير بمدى أهمية هذه المساحات المائية الشاسعة التي تغطي أكثر من 70% من سطح الأرض.
لكن هذا اليوم لا يقتصر على الاحتفال فقط، بل هو نداء عاجل للعالم أجمع للعمل على حماية كنزنا الأزرق من التهديدات البيئية المتزايدة.
متى بدأ اليوم العالمي للمحيطات؟
أُطلقت فكرة تخصيص يوم عالمي للمحيطات للمرة الأولى عام 1992، أثناء مؤتمر قمة الأرض الذي عُقد في ريو دي جانيرو بالبرازيل، وجاء الاقتراح من الحكومة الكندية.
ومنذ عام 2002، بدأت منظمة مشروع المحيط (The Ocean Project) العمل الجاد على تنسيق الاحتفالات والفعاليات على نطاق عالمي، بالتعاون مع:
- الشبكة العالمية للمحيطات
- الرابطة العالمية لحدائق الحيوان وأحواض السمك
- الرابطة الأوروبية لحدائق الأحياء المائية
وفي عام 2008، وتحديدًا يوم 5 ديسمبر، اعتمدت اليونسكو القرار 63/111، ليصبح يوم 8 يونيو من كل عام يومًا رسميًا للاحتفال بالمحيطات، اعتبارًا من عام 2009.
لماذا نحتفل بالمحيطات؟
1. تغطي المحيطات معظم سطح الأرض
ما يقارب ثلاثة أرباع الكوكب مغطى بالمياه، ومعظمها من المحيطات. هذه المسطحات الهائلة لا تشكّل منظرًا جماليًا فقط، بل تُعتبر العمود الفقري للنظام البيئي العالمي.
2. مصدر للحياة والطاقة
المحيطات توفر لنا:
- أكثر من نصف الأوكسجين الذي نتنفسه
- الغذاء لأكثر من 3 مليارات إنسان
- موارد طبيعية مثل النفط، الغاز، المعادن، والطحالب
- تنظيم المناخ عبر امتصاص الحرارة وثاني أكسيد الكربون
3. دفاع طبيعي ضد الكوارث
الشعاب المرجانية وغابات المانغروف تعمل كحواجز طبيعية ضد العواصف، الفيضانات، والتآكل الساحلي، مما يحمي ملايين السكان حول السواحل.
أهداف اليوم العالمي للمحيطات 2025
في عام 2025، يكتسب الاحتفال طابعًا خاصًا، لأن التحديات البيئية أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. من أبرز أهداف اليوم:
- نشر الوعي العام حول المخاطر التي تهدد صحة المحيطات
- التشجيع على تبني سلوكيات مستدامة
- تعزيز البحوث العلمية والابتكار في مجال حماية البيئة البحرية
- دعم المجتمعات الساحلية الأكثر تأثرًا بتغير المناخ
- الضغط على الحكومات والمؤسسات لتطبيق تشريعات تحمي البحار
أبرز فعاليات اليوم العالمي للمحيطات 2025
1. حملات تنظيف الشواطئ
يشارك آلاف المتطوعين في جميع أنحاء العالم في تنظيف السواحل والشواطئ من البلاستيك والنفايات. يتم جمع الأطنان من القمامة كل عام، في رسالة بيئية قوية.
2. مسابقات فنية للأطفال واليافعين
تنظم المدارس مسابقات رسم، كتابة شعر، وتصميم شعارات تحمل رسائل عن حماية المحيطات، لإشراك الأجيال الجديدة في الحوار البيئي العالمي.
3. ندوات ومؤتمرات بيئية
تُعقد منتديات علمية ومحاضرات تشارك فيها منظمات بيئية وعلماء متخصصون، لعرض التحديات والابتكارات الحديثة في مجال علم المحيطات وحمايتها.
4. عروض أفلام وثائقية
تعرض العديد من المؤسسات أفلامًا وثائقية توعوية تسلط الضوء على التلوث البحري، الصيد الجائر، ارتفاع درجات الحرارة، وانقراض الكائنات البحرية.
5. مبادرات تقليل استخدام البلاستيك
تنتشر الحملات الداعية إلى التوقف عن استخدام الأدوات البلاستيكية أحادية الاستخدام، واستبدالها ببدائل صديقة للبيئة، خاصة في المدن الساحلية.
شعار احتفال 2025: “بيئة صحية… محيطات نظيفة”
شعار هذه النسخة من اليوم العالمي يعكس العلاقة الوثيقة بين صحة الإنسان والمحيط. فعندما تتعرض المحيطات للتلوث والدمار، تتأثر السلسلة الغذائية، ويتدهور مناخ الكوكب، وتتقلص الفرص الاقتصادية للمجتمعات الساحلية.
تحديات تواجه محيطاتنا
رغم الجمال المدهش، إلا أن المحيطات تعاني من أخطار تهددها بشكل مباشر، منها:
1. التلوث البلاستيكي
يُلقى ما يزيد عن 8 ملايين طن من البلاستيك سنويًا في البحار، ما يهدد الحياة البحرية، ويصل في النهاية إلى أطباقنا عبر السلسلة الغذائية.
2. الصيد الجائر
تُصطاد ملايين الأطنان من الأسماك بشكل غير مستدام، ما يؤدي إلى انهيار في التنوع البيولوجي البحري وخلل في التوازن الطبيعي.
3. ارتفاع درجة حرارة المحيط
تؤثر الاحتباس الحراري بشكل مباشر على المحيطات، مسببة ابيضاض الشعاب المرجانية وتغير أنماط التيارات البحرية.
4. التلوث الكيميائي
تصريف المصانع والمزارع للمبيدات والمواد الكيميائية في الأنهار، والتي تصل بدورها إلى المحيطات، يقتل الكائنات البحرية ويتسبب في أمراض للبشر.
دور العلم في حماية المحيطات
علم المحيطات ليس رفاهية، بل هو ضرورة وجودية. فمن خلال الأبحاث البحرية، يتمكن العلماء من:
- رصد التغيرات المناخية
- تتبع هجرة الكائنات البحرية
- تحليل مستويات التلوث
- تصميم حلول بيئية جديدة
وقد ساهمت تقنيات الأقمار الصناعية، والغواصات الآلية، وأجهزة الاستشعار في ثورة علمية لفهم أعماق البحار بشكل غير مسبوق.
التعاون الدولي من أجل بحارنا
أدركت الدول أهمية التعاون العالمي في حماية المحيطات، فظهر عدد من الاتفاقيات والمبادرات:
- اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار
- مبادرة “عِقد علوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة” (2021-2030)
- التحالف العالمي لحماية 30% من المحيطات بحلول عام 2030
كيف تحتفل أنت باليوم العالمي للمحيطات؟
حتى وإن كنت لا تعيش قرب البحر، يمكنك أن تكون جزءًا من التغيير من خلال:
- تقليل استخدام البلاستيك
- اختيار مأكولات بحرية من مصادر مستدامة
- دعم المنظمات البيئية
- المشاركة في الفعاليات الافتراضية
- نشر الوعي على منصات التواصل الاجتماعي
الأمل في الجيل القادم
الوعي البيئي لدى الأطفال واليافعين أصبح اليوم أكبر من أي وقت مضى، وهم الأمل الحقيقي في بناء مستقبل لا يُستخدم فيه البحر كمكب للنفايات، بل كمصدر للإلهام، الحياة، والازدهار.
المدارس، الجامعات، المنصات الرقمية، والرسوم المتحركة… كلها أدوات يمكن أن تُحدث فارقًا حقيقيًا إن استُخدمت بذكاء.
خاتمة: مسؤوليتنا المشتركة
يمنحنا اليوم العالمي للمحيطات 2025 لحظة تأمل في علاقتنا مع هذا العملاق الأزرق. فالمحيط ليس مجرد مساحة، بل هو كائن حي يزودنا بالهواء، الغذاء، والدفء، ويحمينا من تقلبات الطبيعة.
فلنحتفل به، نعم… لكن دعونا نحميه أولًا.