
في مشهد استهلاكي لافت، اجتاحت دمية “لابوبو” السوق الجزائرية في عام 2025، لتتحول من مجرد لعبة صينية إلى ظاهرة اجتماعية أثارت كثيرًا من الجدل. فقد بدأت الدمية تُعرض بأسعار خيالية عبر الإنترنت، وصلت حتى 18 ألف دينار جزائري، رغم أن قيمتها الأصلية لا تتجاوز 16 دولارًا. هذا الارتفاع الكبير في السعر فجّر تساؤلات حول أسباب الهوس بها، وكيف أصبحت رمزًا للتميّز الاجتماعي في أوساط المراهقين.
تصميم غريب وجاذبية بصرية
تصميم لابوبو غير التقليدي، بأذنيها الطويلتين وملامحها الطفولية المخيفة، جعلها تثير اهتمام الشباب والمراهقين. وقد زادت شهرتها بشكل هائل بعد بيع تمثال بالحجم الطبيعي منها في مزاد علني بالصين مقابل 150 ألف دولار. هذا الحدث النادر وضع اللعبة في مصاف القطع الفنية، وأكسبها بعدًا ثقافيًا جديدًا يتجاوز كونها مجرد دمية.
سعر دمية لابوبو في الجزائر 2025
يُعرض الإصدار الأساسي من لابوبو اليوم في الجزائر بأسعار تبدأ من 6000 دينار وتصل في بعض الحالات إلى 18000 دينار. هذه الأسعار فاقت التوقعات وأثارت انتقادات، خاصة وأنها تماثل سعر هاتف ذكي متوسط أو قسط إيجار شهري لعائلة متوسطة. وتحوّلت الدمية إلى رمز استهلاكي يتباهى به المراهقون على مواقع التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وتيك توك.
من لعبة إلى قطعة فنية نادرة
شركة “بوب مارت” الصينية، التي تقف وراء تصميم دمية لابوبو، نجحت في تسويق مفهوم جديد من ألعاب المفاجآت (Blind Box) عالميًا. وقد ساعدتها في ذلك استراتيجيات التسويق الرقمي الموجه نحو الشباب، مما جعل بعض الإصدارات النادرة من هذه الدمية تُباع على منصات مثل eBay بأسعار تصل إلى 7000 دولار. لم تعد لابوبو مجرد لعبة بل استثمارًا محتملاً لهواة الجمع.
هوس استهلاكي أم حاجة نفسية؟
يرى خبراء علم النفس أن انتشار لابوبو في الجزائر يعكس أزمات نفسية لدى فئة المراهقين، حيث يشعرون بحاجة إلى الانتماء والتميّز، ويسعون إلى نيل إعجاب الآخرين من خلال اقتناء ترندات رائجة. الأخصائية النفسية أمينة سكات تؤكد أن هذا السلوك يُغذّيه شعور داخلي بالخوف من ضياع الفرص (FOMO)، خاصةً في ظل غياب فضاءات ترفيهية صحية وآمنة للمراهقين.
غياب الوعي الاستهلاكي
البروفيسور في الاقتصاد علي عرقوب يرى أن ما يحدث اليوم هو انعكاس لنقص حاد في الوعي الاستهلاكي. وأوضح أن دمية لابوبو تمثل نزعة استهلاكية لا تنتمي إلى الضروريات، بل تعبّر عن ميل شبابي نحو كل ما هو غربي وحديث، في ظل تأثير الترندات الرقمية، لا سيما من خلال تيك توك وإنستغرام.
أبعاد نفسية واجتماعية
الأخصائية أمينة سكات فسرت انجذاب المراهقين نحو الدمية بكونها وسيلة للتعبير عن الذات، ومتنفسًا نفسيًا في ظل أزمات الواقع اليومي. وأضافت أن التربية غير الحازمة للأولياء، والتي تسمح بالإشباع الفوري للرغبات، تساهم في ترسيخ هذا السلوك الاستهلاكي غير العقلاني.
الترند مقابل القيمة الحقيقية
تشير التقارير إلى أن النسخ الأصلية من لابوبو لا تتجاوز 13-16 دولارًا، ما يجعل الأسعار الجزائرية الباهظة نوعًا من الفقاعة التجارية. ويعكس هذا الواقع اختلالًا واضحًا في أولويات المستهلك الجزائري، الذي بات يدفع أموالًا طائلة مقابل موضة مؤقتة دون النظر في جدواها أو قيمتها الفعلية.
ماذا بعد الترند؟
المراقبون يتوقعون تراجع هذا الهوس سريعًا مع انتهاء الضجة الإعلامية حول لابوبو، كما حدث مع ترندات سابقة. لكنهم يطالبون بضرورة تفعيل دور التوعية الاستهلاكية، بدءًا من المدارس والأسرة، ومرورًا بوسائل الإعلام ومنصات التواصل، وذلك لتقليص تأثير هذه الموجات على قرارات الشراء.
دعوة للتوازن والوعي
في النهاية، تبقى دمية لابوبو مجرد انعكاس لواقع اجتماعي وثقافي يعيش تحولات سريعة. وبين الحاجة إلى الانتماء والرغبة في التميز، يجب على الأولياء، والمجتمع، والمؤسسات، العمل على غرس قيم التوازن والوعي في نفوس الجيل الصاعد، حتى لا يقع فريسة الترندات المؤقتة والقرارات الاستهلاكية غير الرشيدة.