أخبار عالمية

استئناف خدمة القطارات بين موسكو وبيونغ يانغ في يونيو 2025: تفاصيل الرحلة الأطول عالميًا

في خطوة تُعيد إلى الأذهان رحلات القرن العشرين الطويلة والمثيرة، أعلنت شركة السكك الحديدية الروسية المملوكة للدولة استئناف خدمة القطارات المباشرة بين موسكو وبيونغ يانغ، وذلك اعتبارًا من 17 يونيو 2025. هذا القرار يُعد حدثًا بارزًا في عالم النقل الدولي، حيث تعود هذه الخدمة للمرة الأولى منذ توقفها في فبراير 2020 بسبب جائحة كوفيد-19.

الاتفاق بين الجانب الروسي ونظيره الكوري الشمالي تم بالتنسيق مع وزارة السكك الحديدية في كوريا الشمالية، ويشمل تسيير رحلتين شهريًا بين العاصمتين، في واحدة من أطول الرحلات البرية في العالم.

أطول رحلة قطار مباشرة في العالم

بحسب ما أعلنته شركة السكك الحديدية الروسية، فإن الرحلة بين موسكو وبيونغ يانغ ستغطي ما يقارب 10,000 كيلومتر، وتستغرق نحو 8 أيام من السفر المتواصل عبر التضاريس الروسية الشاسعة، مرورًا بمناطق الشرق الأقصى، وصولًا إلى العاصمة الكورية الشمالية.

هذه المسافة تجعلها أطول رحلة قطار مباشرة بالسكك الحديدية في العالم، متجاوزة بذلك جميع الرحلات التقليدية الأخرى من حيث الزمن والطول، في تجربة تُعد فريدة من نوعها لمحبي المغامرة والسفر البري.

إعادة تشغيل خط خاباروفسك – بيونغ يانغ

إلى جانب الرحلة بين العاصمتين، ستُستأنف أيضًا خدمة القطارات بين مدينة خاباروفسك الروسية وبيونغ يانغ، وذلك بعد يومين فقط من انطلاق القطار الأول من موسكو، أي بتاريخ 19 يونيو 2025. خاباروفسك تقع في أقصى الشرق الروسي، وتُعد قريبة من الحدود مع الصين وكوريا الشمالية، مما يجعلها محطة استراتيجية في خطوط النقل الدولية.

سياق تاريخي: من التوقف إلى العودة

توقفت حركة القطارات بين روسيا وكوريا الشمالية في بداية تفشي جائحة كوفيد-19، وتحديدًا في فبراير 2020، كإجراء احترازي للحد من انتشار الفيروس. ومنذ ذلك الحين، لم يتم استئناف أي من خدمات نقل الركاب، باستثناء بعض خطوط الشحن، التي ظلت تعمل بشكل محدود.

اليوم، وبعد مرور خمس سنوات على هذا التوقف، تعود العلاقات في هذا المجال لتُستأنف من جديد، في خطوة تعبّر عن تنامي التعاون بين البلدين، وفتح الباب أمام استعادة الروابط التقليدية عبر السكك الحديدية.

السكك الحديدية بين روسيا وكوريا الشمالية

تربط روسيا وكوريا الشمالية عدة خطوط للسكك الحديدية، تُستخدم لنقل البضائع والركاب. وأشهر هذه الخطوط هو الخط الرابط بين فلاديفوستوك الروسية وراسون الكورية الشمالية، والذي يستمر في العمل منذ سنوات.

كما أن هناك اتفاقيات شراكة بين البلدين لتطوير البنية التحتية على الحدود، من أجل تسهيل حركة التجارة والنقل، لكن يبقى من غير الواضح حجم الشحنات التي يتم نقلها عبر هذه الشبكة، نظرًا للطبيعة المغلقة للنظام الكوري الشمالي.

أهمية الرحلة لموسكو وبيونغ يانغ

لا تنحصر أهمية هذه الخدمة في بعدها اللوجستي فحسب، بل تمتد إلى أبعاد سياسية واقتصادية. من جهة، فإن موسكو تسعى لتعزيز علاقاتها مع دول تعتبرها حليفة في مواجهة الضغوط الغربية، ومن جهة أخرى، تُعد كوريا الشمالية واحدة من أكثر الدول التي تعتمد على خطوط النقل التقليدية، بسبب القيود المفروضة عليها.

وتعتبر هذه الخطوة إشارة واضحة إلى عودة التنسيق بين موسكو وبيونغ يانغ، خاصة في ظل ما يشهده العالم من تغيرات جيوسياسية، وتغير أولويات التعاون الدولي.

الركاب والتحديات المحتملة

من المتوقع أن تكون الرحلة بين موسكو وبيونغ يانغ تجربة نادرة للركاب، سواء على مستوى المسافة أو الزمن، حيث سيضطر الركاب إلى التكيف مع ظروف سفر طويلة، تشمل التوقف في العديد من المحطات الروسية قبل الوصول إلى الأراضي الكورية.

كما أن التحديات اللوجستية لا تزال قائمة، خصوصًا فيما يتعلق بالإجراءات الأمنية، ونقاط التفتيش الحدودية، والبنية التحتية المتاحة في كوريا الشمالية، والتي لا تزال تواجه تحديات من حيث التحديث والتوسعة.

كيف سيبدو القطار؟

رغم عدم الكشف عن كافة التفاصيل المتعلقة بنوعية العربات المستخدمة، إلا أن التوقعات تشير إلى تخصيص قطارات مزودة بعربات للنوم، ومرافق أساسية للراحة، بالنظر إلى مدة الرحلة الطويلة.

ورجّحت بعض المصادر أن تحتوي العربات على خدمات الطعام، ومناطق استراحة، إضافة إلى مقصورات مخصصة للأجانب، نظراً لطول الرحلة وتنوع الركاب المتوقعين.

ردود الفعل الدولية

لاقى الإعلان ترحيبًا حذرًا في الأوساط الدولية، حيث اعتبر البعض أن هذه الخطوة قد تعكس عودة كوريا الشمالية للانفتاح على العالم، بينما رآها آخرون محاولة من روسيا لتوسيع مجال نفوذها اللوجستي في آسيا.

كما تساءل محللون عن مستقبل هذا التعاون في ظل العقوبات الغربية المفروضة على الدولتين، ومدى تأثير هذه الرحلات على المشهد الجيوسياسي في المنطقة.

خاتمة

عودة خط القطارات بين موسكو وبيونغ يانغ ليست مجرد خبر في عالم النقل، بل هي علامة على تحولات كبرى تشهدها العلاقات الدولية. الرحلة التي ستبدأ في 17 يونيو 2025، لن تكون فقط الأطول من حيث المسافة، بل قد تكون الأعمق من حيث الرسائل السياسية والاقتصادية.

وفي وقت يعيش فيه العالم تغيرات جذرية، تبقى السكك الحديدية شاهدًا على أن الروابط بين الشعوب يمكن أن تعود، حتى بعد سنوات من الانقطاع. من موسكو إلى بيونغ يانغ، رحلة تحمل في طياتها أكثر مما تنقله من ركاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى